عند سفوح جبال الأطلس المتوسط في المغرب، تقع مدينة زمور، وهي منطقة تشتهر بواحد من أكثر تقاليد التطريز رمزيةً وجمالاً في البلاد. يُمارس تطريز زمور، الذي تُمارسه النساء الأمازيغيات في المقام الأول، أكثر من مجرد زينة. إنه لغة بصرية، ووسيلة لحفظ القصص والقيم والذاكرة الثقافية من خلال الخيوط والأقمشة.
تحمل كل قطعة من تطريز زمور معنىً خاصاً. فالأنماط ليست عشوائية، ولا تُنسخ من الكتب، بل تُحفظ وتُورث وتُفسر من الأم إلى ابنتها عبر الأجيال. غالباً ما يُمثل الماس الأنوثة والخصوبة. وتُوحي أنماط الشيفرون بالحركة أو الاتجاه أو الهجرة. حتى المساحة الفارغة بين الرموز تحمل دلالةً خاصة. كل غرزة مُتعمدة، فعل صغير ولكنه مؤثر في سرد القصص.
التقنية بحد ذاتها مزيج من الدقة والارتجال. يبدأ الحرفيون باستخدام الصوف أو القماش القطني المنسوج يدويًا، والذي غالبًا ما يُصبغ بألوان ترابية دافئة. باستخدام خيوط الحرير أو القطن الزاهية، يُطرزن زخارف هندسية معقدة بإيقاع مُكتسب على مر الزمن. لا تدخل الآلات في العملية، بل هي عملية بطيئة، تُوجهها الذاكرة العضلية والغريزة الثقافية بدلاً من المساطر أو القوالب.
ما يُميز تطريز زمور بشكل خاص هو الطريقة التي يُجسد بها الهوية الفردية والتراث الجماعي. لا توجد قطعتان متماثلتان تمامًا، ومع ذلك تشترك جميعها في لغة بصرية يسهل على من يتقنها التعرف عليها. تُصبح الوسادة، أو المُعلقة الجدارية، أو بطانية الزفاف شكلاً من أشكال التواصل. إنها تُعبر عن النسب، والفخر، والارتباط الراسخ بالمكان.
مع تطور الأذواق الحديثة وتغير اتجاهات التصميم العالمية، لا يزال تطريز زمور ذا أهمية. بدأ المصممون بالتعاون مع الحرفيين لإدخال هذه الحرفة إلى المساحات المعاصرة دون المساس بروحها. تُوفر هذه الشراكات فرصًا اقتصادية مع ضمان استمرار ازدهار هذا التقليد في أيدي من يحملون معرفته.
امتلاك قطعة من تطريز زمور هو بمثابة امتلاك جزء من تاريخ المغرب الحي. إنها ليست مجرد قطعة جمالية، بل هي جسر بين الأجيال. كل خيط يحمل روح صانعه، وكل رمز هو صدى هادئ لقصص لا تزال تُروى.